Search This Blog

Saturday 28 May 2011

شاكيرا غنت لفيروز وزغردت مع وصلة من الرقص الشرقي

 ملاحظة : انّ هذا المقال مأخوذ من جريدة الشرق الأوسط www.aawsat.com 


إ.ب.أ) شاكيرا تغني في أرض الأجداد وتحمل العلم اللبناني) 
(رويترز)
بيروت: سوسن الأبطح

أبدعت وأدهشت شاكيرا في بيروت، مساء أول من أمس، قدمت كل ما كان ينتظره جمهورها الغفير، وأضافت عليه مفاجآت لم تكن في الحسبان. وكأنما النجمة الكولومبية ذات الأصول اللبنانية جاءت تستعرض كل طاقاتها، على أرض الأجداد، الذين استذكرتهم عند وصولها مطار بيروت.


أطلت من بين الحشود بملابس زهرية وكأنها باربي شرقية، تغطي رأسها وينسدل ثوبها حتى قدميها، لامست أيادي جمهورها الذي بدأ يصرخ غير مصدق أنه يرى نجمته الأثيرة. لكن الفنانة سرعان ما استعادت «اللوك» الراقص الذي خطته لنفسها، وانطلقت بأغنيات جديدة، هادئة، قبل أن تطلق العنان لتلك الأغنيات التي يحفظها الجمهور عن ظهر قلب، مثل «جيبسي» و«لوكا لوكا».


خاطبت جمهورها بالعربية كما كان يتمنى قائلة: «مرحبا لبنان» معربة عن سعادتها لأن تغني أخيرا في بلدها، مهدية هذا الحفل لوالدها ويليام مبارك، الذي قالت إنه سعيد جدا بوجودها هنا، علما بأنها تصطحب معها شقيقها وشقيقتها.


مع انطلاقتها بأغنية «ويريفر»، بدأت حرارة الجمهور تتصاعد، وشاكيرا تجوب المسرح الذي له امتداد يوصلها إلى الحاضرين. حيوية ورشاقة تتمتع بهما هذه الحائزة على أهم الجوائز العالمية، يجعلانها بحاجة لمساحات تتسع للقفز والرقص لتجود كلما زادها جمهورها تصفيقا وتشجيعا.


شاكيرا المغرمة بقراءة ثقافات الشعوب، تستفيد بذكاء حاد، من تعدد أصولها، ما بين الأرض اللاتينية التي نشأت عليها وهي تنهل من السامبا والأم الأوروبية الإيطالية التي منحتها هذا الدفع الحر، والوالد اللبناني الذي بفضل اصطحابه لها إلى المطاعم اللبنانية تعلمت هز الأرداف، بدت شاكيرا قادرة على امتصاص فنون البلدان الآتية منها حتى المزج الابتكاري الخارج على المألوف الذي لا يفوت حتى الحركات الميكانيكية.


الفلامنكو هو من جديد شاكيرا أيضا، ربما هو تأثير صديقها الإسباني. فبقليل من التعديل السريع على الملابس نقلت جمهورها من جو إلى آخر، وضربت الأرض بقدميها كغجرية أندلسية. وتحية ربما للبلدان العربية التي تشملها جولتها الحالية بين دبي ولبنان والمغرب، كان للعرب حصة الأسد في عرضها الجديد «إشراقة الشمس».


فإحدى المفاجآت التي خلبت جمهورها يوم أول من أمس، هو خروجها عن نص إحدى أغنياتها الشهيرة، لتمزجها بموسيقى إيقاعية عربية راقصة على وقع الدف والطبل، وأدت شاكيرا وصلة رقص شرقي، تنافس بها ألمع الراقصات الشرقيات اللواتي عرفناهن في عالمنا العربي لغاية اليوم. وإمعانا في التأكيد على شرقيتها، زغردت كما النساء العربيات، لتلقى استغرابا من حضور في غالبيته من جيل لا يجيد هذا التقليد الذي كان يشيع في الأعراس. أما المفاجأة الثالثة، فكانت أداؤها لمقطع من أغنية «أعطني الناي وغني» بلغة عربية مكسرة. تلك الأغنية التي كتبها جبران خليل جبران، وغنتها ببراعة فيروز، واختارتها شاكيرا لتثري مزيجها الفني الممعن في التركيب والتوليف.


«ما الذي لم تفعله شاكيرا؟»، قال أحد الحاضرين، «إنها قادرة على تحريك كل جزء من جسدها بمعزل عن الجزء الآخر» رقصت على الصناديق الموسيقية، وزحفا على الخشبة، وقفزا في الهواء، حافية القدمين أو منتعلة لا فرق، فمع هذه الجنية التي لا تهدأ تبدو الحركة الدائبة طريقة حياة. اختارت أثناء العرض من الملابس التي ترتديها بعضها فوق بعض، وتتخلص من بعض قطعها كلما استدعت الحاجة، مما يزيد من إبراز مواهبها الراقصة. فكما كان لمايكل جاكسون أسلوبه الذي لا يشبه غيره، كذلك هي شاكيرا التي يأتيها جمهورها ليكتشف فرادتها الأدائية على المسرح، ويسمع ألحانها المميزة، وكلماتها التي لها جرأة تلحينها، حتى ولو كانت إنجليزية هشة.


عشرون ألف شخص تجمعوا في مسرح ضخم، على الواجهة البحرية الجديدة لبيروت. لعله أكبر عرض من نوعه تشهده العاصمة اللبنانية. مشهد الناس الذين يتمايلون ويرقصون ولا يتوقفون عن التصوير، بدا بحد ذاته فرجة تستحق المشاهدة. تنظيم بدا دقيقا للغاية للوهلة الأولى، بحيث منع التصوير على مصوري الصحافة، كما انشغل فريق عمل كبير في توجيه الناس للمداخل المناسبة، لكن من يفترض أنهم دفعوا المبالغ الأكبر هم الذين عانوا من الاكتظاظ؛ فما سمي «الدائرة الذهبية المحيطة بالمسرح»، التي خصصت لعشاق شاكيرا الذين يريدون أن يلتفوا حول المنصة وقوفا، وصلت من كثرة الحضور فيها حد الاختناق والتململ، ثمة من اضطر للانسحاب لأنه لم يحتمل الضغط الهائل، وهناك من لم يتمكن أساسا من الدخول فاكتفى بالشاشات المنصوبة على جانبي المسرح. أمر لم يعجب الذين ظنوا أنهم حظوا بالأماكن الثمينة، كما يشي اسمها. لكن حب شاكيرا على ما يبدو يغلب كل ما عداه، فقد رضي الكثيرون بقسمتهم، وواصلوا متابعة العرض ولو على الشاشات مبدين سعادة كبرى لمجرد وجودهم في هذا المكان. من الساعة السادسة كان الزحف البشري قد بدأ باتجاه المسرح، كل يريد أن يحجز الموقع الأكثر استراتيجية، كبارا وصغارا جاءوا لحضور حفل شاكيرا الذي ينتظرونه منذ سنوات. البعض انتظر ثلاث ساعات، وثمة من بقي واقفا لفترة أطول، هناك أيضا من أتى بكرسيه الصغير، يحمله على ظهره، أو استعد سلفا للجلوس على الأرض. وتعتبر الجهة المنظمة أنها، بهذا الحفل الضخم، وضعت بيروت فنيا على الخارطة العالمية.


انتهى الحفل، وأصر الحاضرون على سماع تلك الأغنية التي لم يتوقف الناس عن تردادها منذ غنتها في افتتاح كأس العالم لكرة القدم عام 2010، لم تعد شاكيرا دون «هيصة»، لتودي أغنيتها «هيبس دونت لاي»، وتلك التي صارت أشهر من نار على علم «واكا واكا» التي ما كان الجمهور لينصرف دون أن يسمعها. أغنية حركت الآلاف في لحظة واحدة، فيما كان شباب لبنانيون قد تم اختيارهم يرقصون مع شاكيرا على المسرح، وتبث الشاشات صور أطفال أفارقة يرقصون بدورهم؛ أي سلطة للموسيقى على هذا الجمهور الشاب؟ أنهت شاكيرا بالقول: «بحبك يا لبنان» «حبيبي يا لبنان» بالعربية، متناولة العلم اللبناني من أحد الحاضرين لتقبله، وتنسحب ركضا إلى الكواليس، تاركة جمهورها تحت تأثير سحر حيويتها الدافقة، وليتدبروا أمرهم في كيفية الانصراف، بعد أن أغلق أحد الشوارع الرئيسية وسط بيروت، بسبب الحفل، وتعطل السير، وبدا أن جمع الحشد الكبير أيسر من تنظيم انفضاضه.

1 comment:

  1. je te félicite Sadir pour ce blog qui est plein d'informations intéressantes... Continue ainsi!!!

    ReplyDelete